إذا كنت عصي الدمع فالموضوع لا يعنيك
الدمعة رحمة من الله سبحانه وتعالى ، وهي تعمل على تخفيف المشاعر الإنسانية الملتهبة في
النفس البشرية في الحزن وفي الفرح .
والدمعة تتمتع بحضور قوي يستوقف أقوى الشخصيات وأعتاها ...
والتاريخ مليئ بالأمثلة في العبادة وفي شتى جوانب الحياة .
فمن يستطيع مقاومة دمعة اليتيم التي إن سقطت على الأرض أحرقت الأخضر واليابس ؟؟؟
ومن يستطيع تحمل رؤية الدمعة في محاجر كبار السن .. التي تعلن نيابة عن صاحبها أن
زمانه قد جار عليه بالضعف و العجز ... فلا حول له ولا قوة .
ومن يقدر على مقاومة براكين غضبه حين يرى دمعة الأخت الغالية تتحدر في كبرياء وشموخ
على الخد الأسيل ؟؟
وكيف لا تهتز الأرض عندما تسقط عليها دمعة رجل عزيز النفس رفيع الشان ؟؟
ومن لا يهب للعون إذا رأى دمعة المظلوم تنساب مكوية بنار الظلم ؟
الدمعة هي بحق صديقة للإنسان ومرافقة له في كل مراحل حياته . وتختلف قوة حضورها
بحسب الموقف والعمر والجنس .
منا من يمسحها بيده عن خده
ومنا من تـُمسح له بيد محب أو صديق
ومنا من لا تجد دمعته من يمسحها فتجف على خده وقد تركت لها أخدودا شاهدا على جرحٍ أليم .
احتارت الدمعة في أمر البشر وتناقضاتهم ....
تارة نطلب منها المزيد امتنانا لها لما تقوم به من تنفيس للمشاعر وما تسببه من راااحة
نفسية ؟
أو ننهرها ونطلب منها عدم الظهور حتى لا تفضح مشاعرنا المدفونة تحت الرماد بين حنايا
الضلوع !!
ماذا تقول لسيد دمعتك الذي يتعمد تجاهل وجودك ومشاعرك !!
وبسبب ما نجده من جفاء الحبيب تـُفاجؤنا الدموع تهل مزونها و تضرب بأوامرك بالإختباء
خلف جدار الكبرياء عرض الحائط لتهل متتابعة و تبدأ مارثونها السريع منحدرة من المحاجر
مرورا بنهاية الأهداب .. لتسقط من علو عبر ممرها الدائم على خدك الملتهب من حرارتها ...
وتتساقط منه على " خرابيش هائجة " تخطها على وريقات خواطرك التي ما أن تلامسها حتى
تختلط الدموع بالحبر فتتكون الطلاسم التي لا يعرف رموزها غير دموعك التي تسببت لكثرتها
في حجب الرؤية عن مقلتيك فلم تجد بدا من رمي القلم والإرتماء على مخدتك التي تمتص
فيضان دموعك فلا يعلم بما آلت إيه دموعك غيرها !!!
لتنام وفي داخلك أمنية أن لا تستيقظ أبدا !!!
يظن ان فؤادي غير ملتهبُ ... وان دمع جفوني غير منسكبُ
ماذا ستقول لسيد دموعك ؟؟!!
هل تفكر بالانتقام منه ؟؟ أم ستدعو عليه ؟؟ هل تجرؤ ؟؟
ربما تخونك جوارحك وتتمرد على أوامرك !!
فلا تستطيع الشفاه التلفظ بذلك !!!
وإن استطاعت كبرياء الكرامة المجروحة إرغامها على ذلك .. فحتما سيمتنع القلب عن الدعاء
على من تربع على عرشه .